1/3/2024
المصدر-جريدة الصباح
في عام 2021 أصدر المهندس المصري محمد جودت، كتابه الخطير (الذكاء المرعب Scary Smart )، أي قبل الإعلان عن إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي الأول (ChatGPT) بأكثر من سنة، وقد كان قبل إصدار الكتاب المهندس المسؤول عن مشروع وعلى الرغم من أن هذا التخوف غير مقطوع به، وغير متفق عليه في الأوساط العلمية، فإننا رأينا أن نبدأ به لنتحدث في هذا المقال عن اللغة بوصفها وسيلة التفاهم بين البشر والذكاء الاصطناعي، التي بها يسيطرون عليه، والتي بسببها تخوف مؤلف الكتاب المختص من المستقبل.
إن محركات الذكاء الاصطناعي ليست تطبيقات حاسوبية ولا برامج ولا مواقع ويب، بل هي نوع جديد من النشاط الحاسوبي فضّل مخترعوها تسميتها (نماذج لغوية) يشار إليها اختصارا بالأحرف (LLM) أي (النموذج اللغوي الكبير Large language model)، فهي مجموعة من البرمجيات التي صممت داخل دوائر إلكترونية تحاكي النظام العصبي البشري، لتحليل المليارات من الجمل اللغوية بكل لغات البشر المتاحة على الإنترنت، بما في ذلك الكتب والدراسات ومواقع الويب والدردشات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتمادا على المعاجم وعلوم اللسانيات، وما يعرف بالتعلم العميق، وهكذا لم تتعلم هذه النماذج اللغة فقط، بل تعلمت منطقها والتمييز بين الجمل المقبولة نحويا وصرفيا ومنطقيا وثقافيا بما يناسب اللغة المعينة والبلد الذي تكلمها.
وعندما أطلقت هذه النماذج، في أواخر شهر تشرين الثاني من العام 2022 لم تكف عن التعلم، فكل حوار نقوم به مع الذكاء الاصطناعي يتعلم منه لغتنا وثقافتنا، بل انه يتعلم من الأفراد الذين يستعملونه ما يريدون وما يحبون وما يكرهون، وما الذي يرضيهم، وما تفضيلاتهم.
اللغة الطبيعية إذن هي وسيلة التواصل بيننا وبين الذكاء الاصطناعي، وقدرته المتزايدة على فهمها هي ما جعل محمد جودت يعبر عن رعبه من المستقبل، فمن المحتمل أن يصل هذا الفهم إلى أن الذكاء الاصطناعي يعبر عن رأيه فيما نطلب منه، وقد يرفض تنفيذه، وينفذ ما يراه أفضل منه، وهكذا يصبح الذكاء الاصطناعي هو من يختار لنا، أو هو من يحدد خياراتنا ومستقبلنا، ويزداد فهمنا لهذه الخطورة عندما نعلم أن الذكاء الاصطناعي أصبح مدمجا في الأجهزة الإلكترونية التي نستعملها في حياتنا اليومية، من مثل الهواتف الذكية والكمبيوترات والثلاجات والتلفزيونات وأفران المايكرويف وقبل كل ذلك وسائط النقل ذاتية القيادة.حين أطلقت شركة (Open AI) نموذجها الأول للذكاء الاصطناعي أطلقت عليه تسمية (ChatGPT) وهو اختصار للجملة (Chat Generative Pre-trainer Transforme) أو مولد الدردشة المدرب مسبقا، فهو مولد دردشة يمكنه أن يدير حوارا مطولا مع المستعمل وأن يجاريه في النمط الشعوري للحوار مثل الجد أو الهزل والحزن أو السرور والفصيحة أو العامية، ودعني أقدم لك هذا المثال من حوار أجريه مع نموذج ChatGPT من أجل هذا المقال:
- مساء الخير
- مساء النور، كيف يمكنني مساعدتك اليوم؟
- أريد كتابة مقال لإحدى الصحف عن علاقة الذكاء الاصطناعي باللغة، وأريد منك أن تقترح علي عنوانا مشوقا له
- بالطبع، إليك بعض الاقتراحات لعناوين مثيرة:
رحلة اللغة مع الذكاء الاصطناعي: تحديات وفرص في عصر التطور التكنولوجي
أو
تلاقي اللغات: كيف يشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل التواصل اللغوي؟
(خمسة عنوانات أخرى)
- شكرا لك، هل تقترح بداية جميلة للمقال؟
- بالطبع، إليك بداية مقترحة:
في عالم متغير بسرعة، تتلاقى اللغة والتكنولوجيا في مسارات تحول مدهشة، تجسّدت في تطورات الذكاء الاصطناعي. إنها رحلة استكشاف مثيرة تأخذنا من عمق التاريخ اللغوي إلى أفق التحولات التكنولوجية الحديثة، حيث يتلاعب العقل البشري والعقل الصناعي بالحروف والكلمات، مبتكرين لغة جديدة من خلال تلاقيهما. في هذا المقال، سنتأمل سوياً تأثير الذكاء الاصطناعي على اللغة والتواصل، ونلقي نظرة على كيفية تشكيله لمستقبل اللغة في عصر التحول التكنولوجي الحالي.
بعيدا عن المقال والصحف، هل تعتقد ان الذكاء الاصطناعي شيغير فعلا طبيعة اللغة؟
نعم، الذكاء الاصطناعي يؤثر بشكل كبير على طبيعة اللغة. من خلال تطبيقاته المتنوعة مثل ترجمة اللغة، والتعلم الآلي، ومعالجة اللغة الطبيعية، يساهم الذكاء الاصطناعي في تغيير كيفية نستخدم ونفهم اللغة. على سبيل المثال، تطبيقات الترجمة الآلية تجعل التواصل بين الثقافات واللغات متاحاً بشكل أسرع وأسهل، مما يقلل من حواجز التواصل. ومن خلال التعلم الآلي، يمكن للأنظمة الذكية تحليل اللغة بشكل أفضل وتعلم من البيانات لتقديم استجابات أكثر دقة وفعالية. بشكل عام، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يساهم في تحويل اللغة من مجرد وسيلة للتواصل إلى أداة للتفاعل الذكي والتحليل العميق، مما يؤدي إلى تغييرات في طريقة استخدامنا وفهمنا للغة.
لا أظن أن الذكاء الاصطناعي سيستطيع فهم اللغة كما يفهمها الإنسان بحواسه
صحيح، لا يزال هناك تحديات كبيرة أمام الذكاء الاصطناعي في فهم اللغة بنفس الدقة والعمق الذي يمكن للإنسان تحقيقه. فعلى الرغم من التقدم الكبير الذي تحقق في مجال معالجة اللغة الطبيعية وتعلم الآلة، إلا أن الذكاء الاصطناعي لا يزال بعيداً عن مستوى فهم اللغة بالطريقة التي يفهمها الإنسان بتفاعله مع العالم من حوله، بما في ذلك السياق الثقافي والعواطف والتجارب الشخصية. رغم ذلك، يعتبر الذكاء الاصطناعي قادرًا على إنتاج نتائج مفيدة ومستوى معين من الفهم في العديد من المجالات، مثل الترجمة الآلية، والتحليل اللغوي، والمساعدة الذكية، ولكنه لا يزال بعيداً عن قدرة الإنسان على فهم اللغة بكل تعقيداتها وعمقها. ويمكن الاستمرار في الحوار إلى أي مدى لتطوير الفكرة.