سلَّطت قمَّة المعرفة 2024 في يومها الثاني والأخير الضوء على مجموعة من المحاور المرتبطة باستراتيجيات الذكاء الاصطناعي، وأحدث أدوات الابتكار في قطاع التعليم، والمهارات التي تحتاجها الأجيال القادمة.
وناقشت جلسة "التخصص في قيادة واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي" التي قدَّمتها البروفسورة باربرا أوكلي، أستاذة الهندسة في جامعة أوكلاند. الإمكانات الثورية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع التعليم، حيث استعرضت الأساليب التي يمكن من خلالها للنماذج اللغوية الضخمة، مثل Chat GPT، إحداث تحول جذري في طرق تقديم المحتوى التعليمي، موضحة أن هذه النماذج قادرة على تصميم محتوى مخصص يتناسب مع احتياجات كل متعلم، مما يسهم في رفع مستوى الاستيعاب والتفاعل داخل الفصول الدراسية. وأشارت أوكلي إلى التطبيقات العملية لأدوات الذكاء الاصطناعي في تطوير أساليب التدريس، مثل إنشاء دروس افتراضية تفاعلية، وتصميم تمارين تعليمية، تراعي الفروق الفردية بين الطلاب، مشددة على أهمية تسخير الذكاء الاصطناعي لتسهيل الوصول إلى الموارد التعليمية، مما يجعلها متاحة لعدد أكبر من المتعلمين حول العالم، وبتكلفة منخفضة.
وسلطت جلسة "ما بعد المؤهلات التقليدية: الابتكار في التعليم فوق الثانوي" التي شارك فيها كل من الدكتورة ديما جمالي، نائبة رئيس الجامعة الكندية في دبي، وناريمان حاج حمو، المديرة التنفيذية لمركز كليكس، وجين مان، المديرة الإدارية للشراكات التعليمية في كلية كامبردج الدولية. وأدارها زاهر سرور، رئيس قسم الشراكات في كورسيرا - الشرق الأوسط وأفريقيا، حاجة التعليم فوق الثانوي إلى تبني نماذج تعليمية مبتكرة تستجيب للمتغيرات المتسارعة في سوق العمل العالمي، وشددت على أهمية تشجيع الابتكار في تصميم المناهج الدراسية، والاستثمار في التكنولوجيا لتمكين الشباب من تحقيق تطلعاتهم المهنية. وسلَّطت جين مان الضوء على أهمية التركيز على المهارات العملية التي يمكن للطلاب الاستفادة منها في مختلف المجالات، مشيرة إلى ما يُعرف اليوم بـ "المهارات الخضراء". وأوضحت أن هذه المهارات تشمل حل المشكلات، البحث، واتخاذ القرارات بفعالية، مما يعزز جاهزية الأفراد لسوق العمل سريع التغير.
وأكَّدت مان أن المهارة الأساسية التي يجب تعزيزها هي "كيفية التعلم" بحد ذاتها، حيث لا يمكن للطالب النجاح دون امتلاكه القدرة على الانخراط في رحلة تعلم مستدامة، وأن تطوير هذه المهارات يتطلب دعمًا حكوميًا متكاملاً واستغلال القنوات المعرفية لسد الفجوات الموجودة في العملية التعليمية، مشيرة إلى أن المدرسين أنفسهم بحاجة اليوم إلى تعلم مهارات وأساليب تدريس جديدة لمواكبة التطورات الحالية، مما يخلق تجربة تعليمية شاملة تواكب احتياجات الأجيال القادمة.
من جهتها، تناولت د. ديما جمالي التحولات الكبيرة التي يشهدها سوق العمل، مشيرة إلى توقعات بإنشاء ستة ملايين وظيفة جديدة خلال العقد القادم، بينما ستشهد 40% من القوى العاملة تغييرات جذرية في المهارات المطلوبة خلال السنوات الأربعة المقبلة، مشيرة إلى أن العديد من هذه الوظائف لم تُنشأ بعد، ما يستدعي تجهيز الطلاب لمواجهة تحديات غير مسبوقة.
وأوضحت جمالي أن ثورة الذكاء الاصطناعي قد غيرت تعريف المهارات الرقمية التقليدية، حيث لم تعد تقتصر على الاستخدام الأساسي للتقنيات، بل باتت تشمل التكيُّف مع أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، وحل المشكلات التقنية المعقدة، داعيةً الجامعات إلى العمل على تطوير مناهج تعليمية مبتكرة تضمن تزويد الطلاب بالمعرفة والأدوات اللازمة لدخول سوق العمل بثقة وكفاءة.
من جانبها، أكَّدت ناريمان حاج حمو أن التعليم يمر بمرحلة تحول حاسمة، ما يستدعي إعادة تصميم برامج التدريس بحيث تصبح أكثر توافقًا مع متطلبات سوق العمل المتسارع، وأن الجامعات تتحمل مسؤولية كبيرة في إعداد الخريجين الجدد بمهارات تمكنهم من دخول سوق العمل والتنافس فيه. وشدَّدت حاج حمو على أهمية الابتكار في أساليب التدريس، مشيرة إلى ضرورة إدخال أدوات تعليمية حديثة مثل المحاكاة، ومقاطع الفيديو، والتعلم التجريبي، التي تعزز تجربة التعلم وتجعلها أكثر ارتباطًا بالواقع العملي.
وتحدَّثت حاج حمو عن دور الابتكار التكنولوجي في تصميم برامج تعليمية تُلبّي احتياجات الأفراد، مشددة على أن التعليم المخصص أصبح حجر الزاوية في تمكين الأفراد من تحقيق طموحاتهم المهنية، ويجب التفكير بعمق في المبادرات الجديدة التي يمكن إدماجها في المناهج الأكاديمية لضمان تحقيق تعليم مرن ومتكامل يلبي تطلعات الأجيال القادمة.